يسأل أحد الرجال : جامعت زوجتي قبل أذان الفجر وأذن للفجر وأنزلت في منتصف الأذان. ما الحكم علي مع العلم أني كنت أسمع أنه إن جامعت زوجتك وأذن فأتمم حتى ولو أذن؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن سمع الأذان وهو أثناء الجماع فلا يطالب بقطعه إذا لم يكن في زمن صوم واجب،
ولا شيء عليه في استدامته سواء أنزل أو لم ينزل ، ولايطالب بحكاية الأذان أيضا . فإذا فرغ فعليه أن يسعى لإدراك الجماعة بعد أن يتطهر، وإن لم يمكن ذلك صلى مع أهله، وإن حصل ذلك في رمضان أي سمع الأذان الثاني الذي هو أذان الفجرفي رمضان وهو يجامع أهله ثم استدام بعد علمه بطلوع الفجر فسد صومه ولزمه القضاء والكفارة الكبرى.
قال النووي في المجموع: أما إذا طلع الفجر وهو مجامع فعلم طلوعه ثم مكث مستديماً للجماع فيبطل صومه بلا خلاف. قال: ولا يعلم فيه خلاف للعلماء وتلزمه الكفارة على المذهب. انتهى.
لكن إذا كان يعتقد أو يظن أن من سمع الأذان أثناء الجماع يجوز له أن يكمل ولا يفسد صومه، فالظاهر أنه لا كفارة عليه هنا، نظرا للجهل والتأويل القريب الذين يعتبرهما بعض الفقهاء من أسباب سقوط الكفارة عمن أفطر في نهار رمضان بسببهما.
ففي التاج والإكليل على مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول المؤلف: وكفر إن تعمد بلا تأويل قريب وجهل ، في رمضان فقط . قال ابن بشير فإن أفطر متأولا فإن قرب تأويله واستند إلى أمر موجود فلا كفارة عليه. وهذا كما مثله في الكتاب فيمن أفطر ناسيا فظن بطلان صومه فأفطر متعمدا، والمرأة ترى الطهر ليلا في رمضان فلا تغتسل فتظن أن من لم يغتسل ليلا فلا صوم له فتأكل والرجل يدخل من سفره ليلا فيظن أنه لا صوم له إلا أن يدخل نهارا فيفطر، والعبد يخرج راعيا على مسيرة ثلاثة أيام فظن أنه سفر يبيح الفطر فإنه لا كفارة على جميع هؤلاء ، قال ابن القاسم كلما رأيت مالكا يسأل عنه من هذا الوجه على التأويل فلم أره يجعل فيه كفارة. انتهى.
ويقرب من هذا ما ذكره النووي في المجموع فإنه قال: ولو طلع الفجر وهو مجامع فظن بطلان صومه فمكث فعليه القضاء دون الكفارة لأنه لم يتعمد هتك حرمة الصوم بالجماع. ذكره الماوردى وغيره. قال صاحب العدة: وكذا لو قبل ولم ينزل أو اغتاب إنسانا فاعتقد أنه قد بطل صومه فجامع لزمه القضاء دون الكفارة .انتهى.
والله أعلم.